زادت واشنطن من وتيرة عملياتها العسكرية في القرن الإفريقي، في محاولة منها لمواجهة عنف المتشددين الإسلاميين في المنطقة، وذلك في أعقاب الهجوم على مركز تسوق ويست غيت في نيروبي العام الماضي.
وتقول حكومة جيبوتي إن الغارات التي تشنها طائرات دون طيار الأمريكية على المناطق التي تسيطر عليها حركة
الشباب وتنظيم القاعدة “ضرورية للغاية” ولن تتوقف.
وتنشئ الولايات المتحدة قاعدة عسكرية كبيرة في جيبوتي، التي تنطلق منها الطائرات الأمريكية بدون طيار المثيرة
للجدل، كما تقوم على تدريب جيوش الدول الإقليمية لمحاربة حركة الشباب في الصومال.
ويتمركز عدد من الطائرات المروحية وغيرها من الطائرات الأمريكية في هذه القاعدة، وهي على أتم الاستعداد لشن عمليات بعيدة المدى، بعضها سريٌ وأخرى تقليدية.
وشكّلت وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرًا قوة خاصة للرد في شرق إفريقيا بجيبوتي، وهي القوة التي هرعت في ديسمبر/كانون الأول إلى جنوب السودان لإجلاء موظفي السفارة الأمريكية وحمايتهم، وهو الدرس الذي تعلمته واشنطن من الهجمات التي استهدفت سفارتها في ليبيا.
وبالإضافة إلى قوة الرد تلك، تأسست “قوة المهام المشتركة في القرن الإفريقي” منذ نحو 12 عاما، وهي القوة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت واشنطن تهدف من تشكيل تلك القوة في ذلك الوقت إلى إيقاف هجمات تنظيم القاعدة من الاتجاه غربًا من باكستان نحو الشرق الإفريقي، وذلك عبر اعتراض تلك العمليات وتدريب القوات العسكرية بالمنطقة لتحسين أوضاعها الأمنية.
“مشكلة معقدة”
وقال العميد الأمريكي وين غريغسبي، وهو قائد قوة المهام المشتركة في القرن الإفريقي، إن عناصر حركة الشباب الصومالية أصبحوا ماهرين في زرع القنابل على الطرقات، وشنوا هجمات خارج حدودهم في كينيا وأوغندا، في الوقت التي نجحت فيه القاعدة ثلاث مرات في وضع متفجرات على متن رحلات دولية، كل ذلك وقوات المهام المشتركة في القرن الإفريقي يتضاعف حجمها.
ويعترف غريغسبي، الذي تولى مهام منصبه هذا العام، بأن الوضع في المنطقة يمثل “مشكلة معقدة”، لكنه أضاف قائلا إن البنتاغون يهدف إلى “إشراك الأطراف الأخرى بالمنطقة وتمكينها من تحمل أعبائها في دحر حركة الشباب.”
وتابع قائلا “تتمثل مهمة القوات أيضًا في توفير المنافذ الاستراتيجية وحرية الحركة لحماية الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها في المنطقة”.
وتتمتع دولة جيبوتي الفقيرة والمستعمرة السابقة لفرنسا بصلات وثيقة مع أكثر دولتين في المنطقة اضطرابًا، وهما اليمن والصومال، حيث التواجد الميداني للقوات الأمريكية غير مقبول فيهما.
لكن جيبوتي قررت الانضمام إلى معسكر واشنطن والغرب، وأصبحت بالفعل محورا لتمركزهما العسكري الدائم في المنطقة.
ولا تزال لدى القوات الفرنسية في جيبوتي قاعدة عسكرية كبيرة مكونة مما يربو على ألفي جندي، وتتشارك طائرات ميراج المقاتلة التابعة لها مع الطائرات التجارية في مدرج مطار جيبوتي الدولي، بالإضافة إلى قوات ألمانية وإيطالية ويابانية تتمركز في خليج عدن لمكافحة أعمال القرصنة.
لكن التواجد الأكبر هو للقوات الأمريكية، وتتشكل من أربعة آلاف جندي متمركزين في معسكر ليمونير.
وتنتشر المئات من قوات وحدة العمليات الخاصة المشتركة السرية التابعة للجيش الأمريكي في مجمعات داخل مجمعات، تأخذ أوامرها المباشرة من قيادتها فلوريدا، وهدفها الرئيسي هو استهداف قيادات حركة الشباب العسكرية داخل الأراضي الصومالية.
ومنذ أن تسبب أربعة مسلحين من هذه الحركة في مقتل ما يزيد على 60 شخصًا من المتسوقين في مركز وسيت غيت للتسوق بالعاصمة الكينية نيروبي، وضعت واشنطن لقواتها هدفا ملحا بتعقب قيادات تلك الحركة قبل أن يتمكنوا من التخطيط لهجمات أخرى.
هجمات الطائرات بدون طيا
ويعتبر استخدام طائرات دون طيار واحدا من وسائل وحدة القوات الخاصة المثيرة للجدل في المنطقة. فحتى سبتمبر/أيلول الماضي، كانت الطائرات تنطلق من تلك القاعدة، لكن وبعد حوادث متكررة طلبت حكومة جيبوتي من الولايات المتحدة نقلها إلى مدرج في الصحراء.
ولاتزال المنطقة تشهد غارات تشنها هذه الطائرات بدون طيار، متسببة أحيانا في مقتل مدنيين، وهو ما يثير انتقادات المنظمات الحقوقية التي تصفها بـ “عمليات للقتل خارج إطار القانون”.
لذلك، سألت وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف بشأن تلك الغارات إذا ما كانت تزعجه، ليرد قائلا “ندرك أن جيبوتي هدف رئيسي لحركة الشباب في المنطقة”.
وأضاف “إن عناصر تنظيم القاعدة وحركة الشباب خطرون للغاية، لذلك سنحاربهم مهما كلف الأمر”، مضيفا أنه إذا لم يجر احتواء نشاطهم، فإن الخيار الأفضل سيكون في التخلص منهم.
وقال “لكن، ينبغي ألا نضيع الوقت في أن نسأل أنفسنا كل مرة إذا ما كان ينبغي لنا استخدام الطائرات بدون طيار أم لا”.
لذا فإنه وطالما أن تلك المنطقة تشهد اضطرابات بينما تبدي جيبوتي استعدادا للعب دور الدولة المضيفة، ستتمتع الولايات المتحدة بموطئ قدم ثابت في المنطقة، ما من شأنه أن يحافظ على استمرار استهداف قادة الميليشيات العسكرية بالغارات التي تشنها تلك الطائرات.
فرانك جاردنر
مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية – جيبوت
Source: BBC Arabic.